درَّست لي فاليريا كل سيمفونيات سيرجي سيرجيفيتش بروكفيف، حكت لي أن الموهوب الروسي الذي عزف في عواصم العالم من لندن إلى برلين إلى باريس، واختار العودة النهائية ليعيش بموسكو في بناية ليست بعيدة عن الكرملين عام 1936 ليشهد بأعينه من دون أن يستطيع أن ينبس ببنت شفة ما فعله ستالين برفاقه من اللجنة المركزية وقادة الجيش والدولة ثم ببقية مواطنيه السوفييت، ألَّف بروكوفييف رائعته الحرب والسلام لتحكي رواية ليو تولستوي في غضون الأربعينيات، استنهاضًا للأمة الروسية في مواجهة النازية. كان بروكوفييف نجم الموسيقى الكلاسيكية الحي في الاتحاد السوفيتي قبل الحرب وبعدها تم توبيخه هو وموسيقيين آخرين بتهمة “الشكلية” ومعه الموسيقيان آرام خاشتوريان وديمتري شوستكافيتش، وأن موسيقاهم لم تعُد تعني أي شيء! وخالية من أي معانٍ “بنَّاءة” أو “اشتراكية” وتم حظر ثمانية من أعماله تمامًا داخل الاتحاد السوفيتي. تضحك فاليريا عندما كانت تحكي لتعرفني بأن نجمها بروكفيف مات في نفس يوم وفاة ستالين سنة 1953، وتقول أنه عندما صعد إلى السماء لا بد أن الملائكة أرغمت السفاح على الاستماع لموسيقى بروكفييف أيامًا طويلة حتى يتم الانتهاء من استقبال بروكفييف الاستقبال الملائكي الذي يليق به، بل إن أحد الملائكة قرر أن يعيد إذاعة الثمانية أعمال الممنوعة من الإذاعة والعرض بتوالٍ متواصل لعقاب ستالين.