لقد صاغ نيتشه الحكمة التراجيدية بالمفردات الآتية: “إرادة ما تريده إرادة القوة”. فالمتشائم يرى الشؤم في كل مكان، والمتفائل يرى الفأل كيفما نظر. أما التراجيدي فيرى الواقع كما هو. وقد كان نيتشه هذا التراجيدي الذي انتهت معه أشكال القلق والتزهد والتطهير الموروثة من الأفلاطونية، وانتهى عشرون قرناً من الرعب الإلهي، والقيصرية الميتافيزيقية، وطغيان المقدس. وبذلك، فقد أنجز أول ثورة كوبرنيكية جديرة بهذا الاسم داخل الميتافيزيقا الغربية. وارتبط اسمه بمرحلة جديدة تمثل نهاية التفاؤل والتمركز حول الإنسان، وبداية الحكمة التراجيدية التي تضطلع بإرادة القوة بوصفها فصل المقال في هذا التاريخ. لكن نيتشه الألفية جديدة أيضاً، قوامها أخلاقيات الحياة والجماليات الكلبية. وهو اسم للتفلسف من دون ضغينة، أو ضمير معذب، أو عدول عن الحياة، أو استسلام للمثال الأعلى التزهدي الذي استوطن الأديان كما الميتافيزيقا والفلسفة، وألبس الإنسان ثوب التسامي المسكون بمثل الموت. وأخيراً، فإن نيتشه اسم لتوكيد الحياة، ولسيادة لا تتحدّد بديالكتيك ماكر مع العبودية، ولصحة كبرى لا تتعين بغياب المرض