إن مرارة السخرية التي تفيض بها مواقف مليئة بالألم والوجع، هي -في الوقت نفسه– مواقف تستدعي بسمةً أشدّ إيلاماً من الفاجعة. فالناس في قصص طيفّي أشبهُ بجيران لأبطال المعلّم تشيخوف، يقيمون على الضفة الأخرى من النهر نفسه، ويقضون أعمارهم في انتظار فرح حقيقي وحياة سعيدة، مشتهاة… لا تجيء، بل ولعلّها تهرب قبل أن تولد، فتشيّعها الأديبة بنغمة تهكمية يضيئها ألمٌ على النفس يفيض فينسكب على أرواحنا، نحن الذين ندرك فجأة أننا إنما نتألّم أو نضحك، نسخر أو نتعاطف، نشفق أو نحتقر –أو نكابد كل ذلك مجتمِعاً– بالقياس إلى أنفسنا، وربما من حيث لا نعي إلا متأخرين.
ذلك ما يجسّد الإنسانيَّ فينا من خلال معايشة الآخرِ، الغريبِ، الفرد. إننا نُحسّ أو نعايش هذا المشترَك الإنساني ناسين أن عيوننا مصوّبة، أو مرتدّة في الحقيقة إلى الجوّانيِّ فينا، إلى ما في داخلنا ممّا هو فرديٌّ وعامّ في آن. وما قصص طيفّي إلا مرايا نفوسنا على الورق، وبصماتُ أرواحنا في الكلمات