ومن قبل زمان العمدة الشلبي بزمان وزمان حكم الكفر عُمد أشكال وألوان، ولكل عمدة حكاية ورواية وسيرة وشهود، تنفتح السيرة فيتسابقون على تذكر ما كان وما جرى للكفر وناسه على أيام العمدة فلان ابن فلان الفلاني، وقد يحلو للواحد منهم أن يكمل الحكاية للآخر فلا يغضب أو يعترض أو يصحّح في تواريخ الأحداث ودلالاتها كأنما تحولت كل سيرة في ذاكرتهم إلى كتاب مفتوح ومحفوظ للكل، يصدُق من قال قبلنا أن البني آدم سيرة، ينتهي العمر وتزول النعمة وتضيع الهيبة والثروة وربما ينقطع دابر الخلفة ولا يتبقى غير السيرة، والناصح الناصح هو الذي يفهم ملاعيب الدنيا ويحتاط منها، والغشيم الغشيم هو الذي تفتنه المظاهر فيفلت منه الزمام، تندفن سيرته وهو حي في قلوب الناس وعقولهم، وإذا مات ينضاف لاسمه صفة أو صفتين ذميمتين وينتهي الموضوع بعد فترة تطول أو تقصرت تجلده خلالها وتلسعه الألسنة النمامة فتسوِّد الأسود والرمادي في حياته وتطول المساحات البيضاء أيضا، وربما يكتفون إذا نبههم عاقل بأنه بعد سقوط البقرة تكثر السكاكين الحامية والباردة على حد سواء فيتنهدون بسماحة ويستغفرون عن ذنوبهم وذنبه